فصل: مناسبة الآية لما قبلها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال مجد الدين الفيروزابادي:

بصيرة في ضرع:
الضَّرْع لكلّ ذات ظِلْف أَو خُفّ.
اللَّيث: الضَرْع للشَّاة والبقرة ونحوهما، وللنَّاقة خِلْف.
أَبو زيد: الضَّرْع جِمَاع.
وفيه الأَطْباء وهى الأَخلاف، واحدها طُبْىٌ وخِلف.
وفى الأَطْباءِ الأَحاليل، وهى خروق اللبن.
ابن دريد: الضَرْع: ضَرْع الشاة.
والجمع: ضروع.
وشاة ضَرْعاء: عظيمة الضَّرع.
والضَّريع: نبات أَخضر مُنْتِنُ الرّيح، يَرمِى به البحر.
وقال أَبو الجوزاء: الضَّرّيع: السُّلاّءُ.
وجاءَ في التفسير أَنَّ الكفَّار قالوا: إِنَّ الضَّريع لتسمَن عليه إِبلنا، قال الله تعالى: {لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ}.
وقال ابن الأَعرابىّ: الضريع: العَوْسَج الرَّطْب.
فإِذا جفَّ فهو عوسج.
فإِذا زاد فهو الخَزيز.
ابن عبّاد: الضريع: يبيس كلّ شجر.
قال: والضريع: الشراب الرّقيق.
الليث: الضَّريع: الجلدة التي على العظم تحت اللحم من الضِّلَع.
قال: والضَّريع: نبت في الماء الآجِن، له عروق لا تصل إِلى الأَرض.
وقال غيره: الضَّريع الخَمْر.
ويقال للرّجل إِذا استكان وخضع وذلّ: ضَرَعَ وضَرُع، وضَرِع ضَرَعًا وضَرَاعة.
وقومٌ ضَرَعٌ.
وتضرّع إِلى الله تعالى: ابتهل وأَظهر الضَّرّاعة.
الفرّاء: جاءَ فلان يتضرّع وتعرّض، بمعنى واحد: إِذا جاءَ يطلب إِليك الحاجة.
وقوله تعالى: {لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ}، أي يتذلَّلُون في دعائهم إِيّاه.
والدّعاءُ تضرّع؛ لأَنَّ فيه تذلّل الرّاغبين.
وقوله تعالى: {تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}، أي مظهرين الضَّرَاعة، وهى شدّة الفقر إِلى الله تعالى، وحقيقته الخشوع.
و{خُفْية}، أي تُخفون في أَنفسكم مثل ما تظهرون.
وتضرّع الظلُّ: قَلَص.
وتضرّع: تَقَرَّب في رَوَغان كضَرّع تضريعًا.
والمضارعة المشابهة، وأَصلها التشارك؛ نحو المراضعة وهو التشارك في الرضاعة ثمّ جُرِّد للمشاركة. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآيتين:
قال عليه الرحمة:
{وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94)}.
حرَّكهم بالبلاء الأَهْوَنِ تحذيرًا من البلاء الأصعب، فإذا تمادوا في غيهم، ولم ينتبهوا من غفلتهم مَدَّ عليهم ظلالَ الاستدراجِ، ووسّعَ عليهم أسبابَ التفرقة مكرًا بهم في الحال، فإذا وَطَّنُوا- على مساعدة الدنيا- قلوبهم، وركنوا إلى ما سوَّلت لهم من امتدادها، أبرز لهم من مكامن التقدير ما نَغَّصَ عليهم طيبَ الحياة، واندق بغتةً عُنُقُ السرور، وشَرِقُوا بما كانوا ينهلون من كاسات المنى، فتبدّل ضياءُ نهارهم بِسُدفَةِ الوحشة، وتكدّر صافي مشربهم بيد النوائب، كما سبقت به القسمة. اهـ.

.تفسير الآية رقم (96):

قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما بين تعالى ما كان قولهم مسببًا له من الأخذ بغتة، بين ما كان يكون ضد قولهم مسببًا له من البركات لو وقع بقوله: {ولو أن أهل القرى} أي هذه التي قصصنا أخبارها {آمنوا} أي بما أتاهم به رسلهم {واتقوا} أي خافوا أمر الله وجعلوا بينهم وبين سخطه وقاية من طاعاته فاستمروا على إيمانهم {لفتحنا عليهم بركات} أي خيرات ثابته لا يقدر أحد على إزالتها {من السماء} أي بالمطر الذي يكون كأفواه القرب وما شابهه {والأرض} بالنبت الغليظ وما قاربه، وقراءة ابن عامر بالتشديد يدل على كثرة تلك البركات، وأصل البركة الموظبة على الخير.
ولما كان الكلام بما أفهمته {لو} في قوة أنهم يؤمنوا عبر بقوله: {ولكن كذبوا} أي كان التكذيب ديدنهم وشأنهم، فلذلك لم يصدقوا رسلنا في شيء، ولما كان التكذيب موضع الجلافة والجمود الذي هو سبب لعدم النظر في الدليل، سبب عنه العذاب فقال: {فأخذناهم} أي بما لنا من العظمة {بما} أي بسبب ما {كانوا يكسبون} أي بجبلاتهم الخبيثة من الأعمال المناسبة لها. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

اعلم أنه تعالى لما بين في الآية الأولى أن الذين عصوا وتمردوا أخذهم الله بغتة، بين في هذه الآية أنهم لو أطاعوا لفتح الله عليهم أبواب الخيرات فقال: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القرى ءامَنُواْ} أي آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر {واتقوا} ما نهى الله عنه وحرمه {لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بركات مّنَ السماء والأرض} بركات السماء بالمطر، وبركات الأرض بالنبات والثمار، وكثرة المواشي والأنعام، وحصول الأمن والسلامة، وذلك لأن السماء تجري مجرى الأب، والأرض تجري مجرى الأم، ومنها يحصل جميع المنافع والخيرات بخلق الله تعالى وتدبيره.
وقوله: {ولكن كَذَّبُواْ} يعني الرسل {فأخذناهم} بالجدوبة والقحط {بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} من الكفر والمعصية. اهـ.

.قال السمرقندي:

قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القرى ءامَنُواْ واتقوا} يعني وحّدوا الله تعالى واتقوا الشرك {لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بركات مّنَ السماء والأرض} يعني: أنزلنا عليهم من السماء المطر والرزق والنبات من الأرض {ولكن كَذَّبُواْ} الرسل {فأخذناهم} أي عاقبناهم {بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} من الشرك.
ففي الآية دليل على أن الكفاية والسعة في الرزق من السعادة إذا كان المرء شاكرًا.
وتكون عقوبة له إذا لم يكن شاكرًا.
لأنه قال في آية أخرى: {وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ الناس أُمَّةً واحدة لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بالرحمن لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ} [الزخرف: 33] يعني: الغنى يكون وبالًا لمن لا يشكر الله تعالى وعقوبة له. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله عز وجلَّ: {... لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم}.
فيه وجهان: أحدهما: لرزقنا، قاله السدي.
والثاني: لوسعنا.
{بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}: {بركات السماء}: القطر. وبركات الأرض.
النبات والثمار ويحتمل أن تكون بركات السماء قبول الدعاء. وبركات الأرض: تسهيل الحاجات. اهـ.

.قال ابن عطية:

قوله تعالى: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا} الآية.
المعنى في هذه الآية أنهم لو كانوا ممن سبق في علم الله أن يكتسبوا الإيمان والطاعات ويتصفوا بالتقى لتبع ذلك من فضل الله ورحمته وإنعامه ما ذكر من بركات المطر والنبات ولكنهم لما كانوا ممن سبق كفرهم وتكذيبهم تبع ذلك أخذ الله لهم بسوء ما اجترموه، وكل مقدور، والثواب والعقاب متعلق بكسب البشر، وبسببه استندت الأفعال إليهم في قوله: {آمنوا واتقوا} وفي {كذبوا} وقرأ الستة من القراء السبعة {لفتحَنا} بخفيف التاء وهي قراءة الناس، وقرأ ابن عامر وحده وعيسى الثقفي وأبو عبد الرحمن: {لفتّحنا} بتشديد التاء، وفتح البركات إنزالها على الناس ومنه قوله تعالى: {ما يفتح الله للناس من رحمة} [فاطر: 1] ومنه قالت الصوفية: الفتوح والبركات النمو والزيادات، ومن السماء لجهة المطر والريح والشمس، ومن الأرض لجهة الإنبات والحفظ لما ينبت، هذا هو الذي يدركه نظر البشر ولله خدام غير ذلك لا يحصى عددهم، وما في علم الله أكثر. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {لفتحنا عليهم بَرَكاتٍ من السماء والأرض}.
قال الزجاج: المعنى: أتاهم الغيث من السماء، والنبات من الأرض، وجعل ذلك زاكيًا كثيرًا. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القرى}.
يقال للمدينة قرية لاجتماع الناس فيها.
من قريت الماء إذا جمعته.
وقد مضى في البقرة مستوفى {آمَنُواْ} أي صدقوا.
{واتقوا} أي الشرك.
{لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ السماء والأرض} يعني المطر والنبات.
وهذا في أقوام على الخصوص جرى ذكرهم.
إذ قد يمتحن المؤمنون بضيق العيش ويكون تكفيرًا لذنوبهم.
ألا ترى أنه أخبر عن نوح إذ قال لقومه {استغفروا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مِّدْرَارًا} [نوح: 10 و11].
وعن هود {ثُمَّ توبوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السماء عَلَيْكُمْ مِّدْرَارًا} [هود: 52].
فوعدهم المطر والخصب على التخصيص.
يدل عليه {ولكن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} أي كذبوا الرسل.
والمؤمنون صدقوا ولم يكذبوا. اهـ.

.قال الخازن:

قوله عز وجل: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا}.
لما بين الله تعالى في هذه الآية الأولى {إن الذين عصوا وتمردوا أخذهم بعذابه} بين في هذه الآية أنهم لو آمنوا يعني بالله ورسوله وأطاعوه فيما أمرهم به واتقوا يعني ما نهى الله تعالى عنه وحرمه عليهم {لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض} وبركات السماء المطر وبركات الأرض النبات والثمار وجميع ما فيها من الخيرات والأنعام والأرزاق والأمن والسلامة من الآفات وكل ذلك من فضل الله تعالى وإحسانه على عباده.
وأصل البركة ثبوت الخير الإلهي في الشيء وسمي المطر بركة السماء لثبوت البركة فيه وكذا ثبوت البركة في نابت الأرض لأنه نشأ عن بركات السماء وهي المطر.
وقال البغوي: أصل البركة المواظبة على الشي.
أي تابعنا عليهم بالمطر من السماء والنبات من الأض ورفعنا عنهم القحط والجدب {ولكن كذبوا} يعني فعلنا بهم ذلك ليؤمنوا فما آمنوا ولكن كذبوا يعني الرسل {فأخذناهم} يعني بأنواع العذاب {بما كانوا يكسبون} يعني أخذناهم بسبب كسبهم الأعمال الخبيثة. اهـ.

.قال أبو حيان:

{ولو أنّ أهل القرى آمنوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون} أي لو كانوا ممن سبق في علم الله أنهم يتلبسون بالإيمان بما جاءت به الأنبياء وبالطاعات التي هي ثمرة الإيمان ليتيسر لهم من بركات السماء ولكن كانوا ممن سبق في علمه أنهم يكذّبون الأنبياء فيؤخذون باجترامهم وكل من الإيمان والتكذيب والثواب والعقاب سبق به القدر وأضيف الإيمان والتكذيب إلى العبد كسبًا والموجد لهما هو الله تعالى لا يسأل عما يفعل، وقال الزمخشري: اللام في القرى إشارة إلى {القرى} التي دلّ عليها قوله تعالى: {وما أرسلنا في قرية من نبي} كأنه قال ولو أنّ أهل تلك القرى الذين كذبوا وأهلكوا آمنوا بدل كفرهم واتقوا المعاصي مكان ارتكابها {لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض} لآتيناهم بالخير من كل وجه، وقيل: أراد المطر والنبات {ولكن كذّبوا فأخذناهم} بسوء كسبهم ويجوز أن تكون اللام في {القرى} للجنس انتهى، وفي قوله واتقوا المعاصي نزغة الاعتزال رتب تعالى على الإيمان والتقوى فتح البركات ورتب على التكذيب وحده وهو المقابل للإيمان الهلاك ولم يذكر مقابل التقوى لأنّ التكذيب لم ينفع معه الخير بخلاف الإيمان فإنه ينفع وإن لم يكن معه فعل الطاعات والظاهر أن قوله: {بركات من السماء والأرض} لا يراد بها معين ولذلك جاءت نكرة، وقيل: بركات السماء المطر وبركات الأرض الثمار، وقال السدّي: المعنى لفتحنا عليهم أبواب السماء والأرض بالرزق، وقيل بركات السماء إجابة الدعاء، وبركات الأرض تيسيرالحاجات، وقيل: بركات السماء المطر وبركات الأرض المواشي والأنعام وحصول السلامة والأمن، وقيل: البركات النمو والزيادات فمن السماء بجهة المطر والريح والشمس ومن الأرض بجهة النبات والحفظ لما نبت هذا الذي تدركه فطر البشر ولله خدام غير ذلك لا يحصى عددهم وما علم الله أكثر وذلك أنّ السماء تجري مجرى الأب والأرض مجرى الأم ومنهما تحصل جميع الخيرات يخلق الله وتدبيره والأخذ أخذ إهلاك بالذنوب، وقرأ ابن عامر وعيسى الثقفي وأبو عبد الرحمن {لفتحنا} بتشديد التاء ومعنى الفتح هنا التيسير عليهم كما تيسر على الأبواب المستغلقة بفتحها ومنه فتحت على القارئ إذا يسرت عليه بتلقينك إياه ما تعذّر عليه حفظه من القرآن إذا أراد القراءة. اهـ.